يعتبر الخرشوف الطبيعي أو البري دواءا لما يحتوي عليه من الفلافونويدات التي تحفظ الكبد من التسمم بما في ذلك التهاب الكبد البفايروسي
الأصل في تسمية الخرشوف هو اسم الأرضي الشوكي، وهو اسم عربي محض، نقله العرب إلى الأندلس لما فتحوا إسبانيا، فتحول الإسم من الأرضي الشوكي إلىartichaut بالفرنسية، ثم إلى artichoke بالإنجليزية. والخرشوف يكاد يكون خضرة ذات جنسية متوسطية، لأن منطقة المغرب العربي هي المعروفة بإنتاجها على المستوى العالمي، حيث عرفه الفرنسيون في عهد الاستعمار فنقلوه إلى فرنسا، واشتهرت به منطقة بربينيان (Perpignan) التي ازدهر فيها الخرشوف حتى أن ألمانيا عمدت قبل الحرب العالمية الثانية إلى استيراده من فرنسا. ولم يكن الخرشوف يزرع في المغرب آنذاك، بل كان ينبث طبيعيا إلى درجة أن أكله كان يقتصر على المزارعين، ولم يكن يشترى في البادية، بل كان يجمعه الناس ليبيعوه في المدن. وبدأت زراعته مع الاستعمار الفرنسي، حيث تغير مع التقنيات الزراعية. وبقي الخرشوف الطبيعي أو البري إلى أواخر الستينيات في المناطق الكبرى كمنطقة الشاوية وزعير وقصبة تادلة ودكالة وحوض ملوية والغرب، ولم يبق منه إلا القليل الآن في مناطق محدودة جدا، وقد ساعد على هذا الانقراض الحرث بالجرارات واستصلاح الأراضي الزراعية، وكذلك الحفارون الذين يجمعون الأعشاب لبيعها كمنتجات علاجية في المدن. والخرشوف كان مثل جميع النباتات الغابوية أو الطبيعية، التي تنبت تلقائيا بدون زراعة، وكان هناك العديد من المنتجات الطبيعية الخضراء، التي كان يجمعها الناس بالمجان من الحقول، كما يجمعون الكلأ للماشية. ومن بين الخشاش الذي كان يجمع ويستهلك، نجد البقولة )الخبيزة( والتبش والزرنيج والسلك والكرنينة والعسلوج والسكوم والبرمرم والبوحمو، وكانت تطهى هذه الأشِياء إما مع الطعام الذي نسميه الآن الكسكس، أو تطهى بالبخار ويصب عليها زيت الزيتون، لتكون من أعلى المواد الغذائية من حيث الفايتمينات والأملاح المعدنية كالحديد وكذلك مكون حمض الفولك.
لا يختلف اثنان على أن المنتجات الطبيعية أو البرية تختلف عن المنتجات العصرية، أو ما يصطلح عليه بالرومي، والراسخ عند المستهلك المغربي، أن البري أو الطبيعي أو ما يصطلح عليه بالبلدي، يكون دائما أعلى جودة من العصري أو الصناعي، ولو أن كثيرا من الأوساط أخذت تستعمل بعض الأساليب لطمس هذه الفكرة وتضبيبها في عقول الناس. ولا نحتاج لأحد أن يعطينا دروسا في الجودة، أو أن يتفضل علينا بعلمه، بل ربما ندعوه ليتعلم ويدرس معنى الجودة عند سكان البادية والأرياف المغربية. فالبصل الأحمر ليس هو البصل الأصفر الموجود حاليا في الأسواق، والبطاطا الحلوة ليست هي البطاطس التي نستهلكها فقط لأنها سيدة الوجبات السريعة، والخرشوف البري أيضا ليس هو الخرشوف العادي، فالخرشوف البري كان يبقى في التربة ويخرج البدور لوحده، وهذه البدور كانت تنتشر وتعطي نبتة أخرى بطريقة عفوية طبيعية، وكان يأكله المزارعون فقط لأنهم يجدونه في الحقول، ولم يكن يزرع كما كان المزارعون يستحيون أن يبيعوا الخرشوف، لأنه لم يكن يزرع وإنما كان ينبت طبيعيا، ولم يكن يعتبر خضرة عادية، كما لم يكن يخطر على بال الفلاح أن يحفر على الخرشوف ليبيعه، ومن سيشتريه منه حتى ولو فعل؟ إذن فالخرشوف كان خضرة الفلاحين فقط، ممن يجمعونه من الحقول أتناء الحرث في فصل الشتاء، ولهذا كان الخرشوف خضرة الشتاء بامتياز.
كما تعودنا دائما على تلقين القارئ بأن لكل خضرة ميزتها الخاصة، فإذا كان البصل يمتاز بالسولفودات التي تسيل الدموع، والطماطم بمادة الليكوبين فإن الخرشوف يمتاز بوجود مادة السينارين، هذه المادة المرة المذاق، وهذا ما نلاحظه ونحن نمضغ قطعة خرشوف طازجة، فهذه المادة تكون أكثر تركيزا ومرارة في الخرشوف بانتظام طيلة موسمه الشتوي، كما تفقد مذاقها المر عند سلق أو طهي الخرشوف، حيث يتغير شكل جزيئتها بينما تحافظ على نفس مكوناتها. وبوجود هذه المادة فإن الخرشوف يحد من تكون الكوليستيرول الخبيث في الدم، ويحفظ الكبد من الالتهابات، ويساعد على إفراغ الصفراء، ويخفض تركيز السكر في الدم، ولهذا فهو منصوح به للمصابين بداء السكري، كما يحتوي على مادة البوليفينول المسؤولة عن اللون الأسود للخرشوف لما يقطع ويصيبه الهواء، وعلى مادة الكوفتيلوز وهي مادة سكرية اكتشفت فيه سنة 1935 يكاد الخرشوف ينفرد بها، وهي بدورها تذوب في الماء الذي ينقع فيه الخرشوف. هذا بالإضافة إلى الفعالية العالية للخرشوف ضد داء الروماتيزم، ودوره في ترطيب الجهاز الهضمي واحتوائه على أنزيم الأوكسيديز، الذي يحارب شيخوخة خلايا الجسم.
ويستهلك الخرشوف على شكل أوراق في طوره الإنباتي كما قد يستهلك بعد إخراج الرؤوس المزهرة. وهذه الرؤوس تظهر عندما يترك الخرشوف في الحقل بعدما يخرج القضبان، ويكون هذا بعد نهاية شهر يناير، حيث تبدأ أوراق الخرشوف في إخراج هذه القضبان التي ستحمل الأزهار أو الرؤوس، ولا يمكن أن يستهلك لأنه حتى السيدات لا يرغبن في طهيه كذلك، فيبقى في الحقل حتى يكتمل نضج الرؤوس وذلك في شهر أبريل، ولحسن الحظ أن نضج هذه الرؤوس يتزامن مع نضج الجلبان، حيث يصبح الطبيخ بهذه الرؤوس مع الجلبان جد متداول في هذه الفترة.
وعلاوة على استهلاك هذه الرؤوس كخضرة فإن هناك مزايا أخرى يمكن أن تثير انتباه المستهلك وهي خاصية يمتاز بها الخرشوف في تقنيات صناعة الألبان، لأن الشعيرات الموجودة في لب هذه الرؤوس لها مفعول فوري في عملية تجبين الحليب بوضع القليل منها في لتر أو لترين من الحليب ليتجبن بسرعة، وخاصية تجبين الحليب هي خاصية موكولة للأنزيمات المصنفة من نوع محللات البروتينات وأشهرها المنفحة، وتعتبر الأنزيمات النباتية من أحسن المكونات الطبيعية التي يمكن أن تستعمل في صناعة الألبان.[/size][/b]