تسليم الوصل عن كل تصريح بتأسيس جمعية ما هل هو اختيار للإدارة أم إلزام؟ هل يجوز للإدارة أن تمتنع عن تسليم وصل عن التصريح بتأسيس جمعية قدمت ملفا مستوفيا لجميع الشروط المنصوص عليها في القانون؟
إن عيوب الممارسة الإدارية في مجال الحصول على وصل عن كل تصريح بالتأسيس لهو من الأمور التي أسالت الكثير من مداد أقلام النقاد والمهتمين والباحثين إن عبر الجرائد الوطنية أو عبر بلاغات الجمعيات الحقوقية، أو من خلال الندوات والمحاضرات المنظمة من طرف جمعيات المجتمع المدني في الموضوع نفسه. ودون االدخول في تفاصيل الأبعاد السياسية " لتعنت الإدارة " نتساءل عن القيمة القانونية لاعتراضها عن تسليم الوصل، هل هو اعتراض مبني على أسس وحجج قانونية؟ أم أنه خلل تشريعي؟! نعتقد في هذا الباب أن الاجتهاد القضائي هو خير معين لمدنا بهذه الحجة أو دحضها دون أن ننسى إسهامات الفقه في هذا المجال؛ فإذا كان الفقه في المغرب لم يجد طريقه إلى حل هذا الإشكال إلا بعد التعديل الأخير الذي عرفه ظهير 1958(بموجب القانون 00-75)، بل إن الفصل الثاني(02) من ظهير 1958 حتى قبل التعديل لم ينص على أي تقييد للحريات العامة سواء فيما يخص عملية التأسيس أو الحصول على الأهلية القانونية فقط يجب مراعاة الفصل الخامس (05)، إن قانون الجمعيات كما تم تعديله وتتميمه بالقانون الجديد رقم: 00.75، لم يجعل مسألة الاعتراف بالوجود القانوني لجمعية احترمت الشكليات المنصوص عليها في الفصل الخامس خاضعة لأية شروط سوى تقديم تصريح تسلم عنه الإدارة وصلا مختوما ومؤرخا في الحال.
بخصوص تحليل مقتضيات الفصل الخامس المتعلق بالتصريح، لا تتوفر السلطة الإدارية المختصة على أية صلاحية قانونية سوى التأكد من قيام الجمعية باستيفاء جميع الشروط المرتبطة بتقديم التصريح ويمنع عليها تقدير مشروعية أو عدم مشروعية فعل التأسيس، والسلطات العمومية، برفضها تسليم وصل عن التصريح بتأسيس جمعية ما، تكون - وكيفما كانت الأسباب - قد تجاوزت سلطاتها، بل إن الفقه ذهب إلى أبعد من ذلك في التأكيد على التزام السلطات الإدارية المختصة بتسليم الوصل عن كل تصريح أو إيداع لتأسيس جمعية ما، بل تسليم الوصل النهائي بعد استيفاء أجل ستين يوما. إذن إن العبارة واضحة، فهي لا تتضمن اختيارا للإدارة وإنما تنطوي على إلزام.
إن التصور القاضي بأن الاختصاص يعود إلى السلطة الإدارية سيجعل كل شك إداري في طبيعة تكوين جمعية ما يشرعن رفض تسليم الوصل. بمعنى آخر؛ ستصبح عملية تسليم الوصل مرهونة بمزاج السلطات الإدارية وهو ما يعد مخالفا ليس فقط للقانون وإنما لروح القانون أيضا. وتجدر الإشارة إلى أن مسطرتي تسليم الوصل والمنع أو الحل تختلفان بحيث تعد كل مسطرة مستقلة عن الثانية؛ أي أن إثارة مسطرة المنع أو الحل لا تؤثر بشكل من الأشكال على مسطرة تسليم الوصل.
هكذا وطبقا للفصل الخامس فإن السلطات الإدارية لا يحق لها أن تقرر، فمهمتها تتحدد في تسليم الوصل لأن هذا الأخير ما هو إلا وثيقة إدارية تثبت أن التصريح تم وفق الشكليات المنصوص عليها قانونا، وإذا ثبت بعد ذلك أن نشاط الجمعية يقع تحت طائلة البطلان فإنها تحل من طرف السلطات القضائية كمبدإ عام.