يمكن تتبع تاريخ نشأة الحصان الى فترة تزيد عن الستين مليون سنة. فقد دلت الأحافير الى أن أصل الحصان كان موجودا في القارة الأمريكية آنذاك وكان حجمه أصغر بكثير مما هو عليه الآن.
ومن الدراسات الميدانية استدل العلماء على أن الحصان في صورته الحالية كان موجودا في السهول والبراري الآسيوية منذ ما يقرب من المليون سنة. لقد انتقل الحصان من موطنه الأصلي في أمريكا الى أوروبا وآسيا منذ زمن بعيد وانتشر بفضل الجسور التي ربطت القارات في فترة العصور الجليدية. ومع انحسار الجليد وانعزال جماعات الحصان في أوروبا وآسيا عن تلك التي بقيت في أمريكا منذ حوالي 10000 سنة، انقرض الحصان من موطنه الأصلي لكنه بقي في المناطق الأخرى وبشكل خاص في آسيا.
وقبل أن يتمكن الإنسان من استئناس الخيول كانت توجد آنذاك أربع سلالات قديمة ترجع الى الحصان الأول، سلالتان من الخيول وسلالتان من البوني. وقد أعطت سلالة البوني الأولى ما هو معروف الآن ببوني أكسمور في انجلترا، وعاشت السلالة الأخرى من البوني في المناطق الباردة من أوروبا وآسيا. أما بالنسبة الى سلالتي الخيول فواحدة كانت تقطن بعض السهول في أواسط آسيا والأخرى كانت تعيش في المناطق الغربية من آسيا وهي ما يعتقد العلماء بأنها أصل السلالة الأهم من الخيول ألا وهي سلالة الحصان العربي كما نعرفها حاليا. لقد تمكن الإنسان من استئناس. العديد من الحيوانات واستخدمها في حياته اليومية. فاستأنس الخراف والأغنام في غرب آسيا وشمال الجزيرة العريية قبل حوالي 11000 سنة ، أما الخيول فتدل الشواهد على أن الإنسان تمكن من استئناسها منذ فترة تزيد عن 5000 سنة في السهول القريبة من منطقة بحر قزوين . وباختراع العجلة والعربات التي تجرها الحيوانات تمكن السومريون فيمابعد من استخدام الخيول لجر العربات .
منذ فترة بعيدة تم تقسيم الخيول من قبل علماء التصنيف لى مجموعات متباينة اعتمدت على الأصل والمنشأ كالشرقية والغريية والبعض قسمها اعتمادا على سلوكها ومزاجها إلى خيول ذوات دم حار أو بارد. والبعض الأخر أرجعها الى قدرتها على العدو فتم تقسيمها الى بطيئة أو سريعة، أو الى وزنها فعرفت بالخفيفة والثقيلة. ولكن في وقتنا الحاضر اتفق على تقسيم الخيول الى سلالات مختلقة نذكر منها:
سلالة الحصان العربي الأصيل.
سلالات الخيول المنغولية مثل بريزو السكي.
سلالات الخيول البريطانية مثل الكوب الويلزي وهاكني.
سلالات الخيول الالمانية مثل هولستين وأولدنبرج.
سلالات الخيول الأمريكية مثل بينتو و بالامينو.
سلالات الخيول الروسية مثل باشكير وكارباخ.
سلالات خيول أوروبا الشرقية مثل كونيك البولندى.
سلالات خيول أوروبا الغريية مثل فجورد النرويجي.
سلالات خيول جنوب أوروبا مثل الأندلسي باسبانيا وكمرجو الفرنسي.
سلالات الخيول الاسترالية مثل البونى الاسترالي.
سلالات خيول أمريكا الجنوبية مثل فالابلا وباسو.
شكل الجسم:
يرجع شكل الحصان في مظهره الى هيكله العظمي والعضلات التي تحيط به. ويعتبر الحصان العريي من أبدع السلالات في مظهرها الخارجي نظراً للتجانس الجلي بين أجزاء جسم الحصان المختلفة. كما يتفاوت وزن الحصان وارتفاعه اعتمادا على سلالته. فيتراوح ارتفاع الحصان من النوع الخفيف بين 150 الى 170 سنتيمتراً، في حين أن الحصان من النوع الثقيل قد يصل ارتفاعه الى 180 سنتيمتراً. و تتفاوت ألوان الخيول كذلك اعتمادا على سلالتها وعلى أبويها اذ أن صفة لون الجسم تورث عن طريق الجينات الوراثية المحمولة على الكروموسومات. إن بعض الألوان تكون سائدة كالرمادي والبعض الآخر يكون متنحياً في توريثه. فعلى سبيل المثال لو تزاوج حصان رمادي نقي مع فرس بني اللون سيكون المهر رمادياً.
وقد أعطى الشعراء العرب قدراً كبيراً من مخيلتهم لصفات الخيل وجمالها وألوانها. فعلى سبيل المثال يصف امريء القيس في معلقته المشهورة قدرة حصانه على الكروالفر أثناء القتال فيقول:
مكر مفرمقبل مدبر معا كجلمود صخر حطة السيل من عل
وفي مكان آخر يصف حصانه فيقول:
له أيطلا ظبي وساقا نعامة وإرخاء سرحان و تقريب تتنفل
كأن دماء الهاديات بنحـره عصارة حناء بشيبب مرجل
وقد برع عنترة بن شداد في وصف حصانه الأدهم وكأنه يخاطب محب ورفيق فيقول في معلقته المشهورة:
ما زلت أرميهم بثغرة نحرة و لبانه حتى تسربل بالدم
فازور من وقع القنا بلبانه و شكا غلي بعبرة و تحنحم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى و لكان لو علم الكلام مكلمي
الحواس:
إضافة للحواس الخمس المعروفة عند بني البشر يتميز الحصان بقدرات أخرى يسميها البعض الحاسة السادسة.
اللمس:
من الحواس المهمة التي تريط الحصان بفارسه اللمس. فاللمس طريقة للتخاطب والتواصل بين الخيول مع بعضها البعض ويمكن للفارس الماهر ايجاد التآلف والود بينه وبين حصانه من خلال اللمس.
السمع:
تتميز الخيول بسمع مرهف وقدرة خارقة في التعرف على الأصوات حتى وان كانت بعيدة.
وللحصان قدرة على السمع أكثر مما لدينا فيشعر بالخطر الذي لا ندركه اذ أنه يسمع ذبذبات الصوت التي لايمكننا الاحساس بها. ان قدرته على تحريك الأدنين وتوجيههما نحو مصدر الصوت تساعده كذلك على التقاط الصوت من أي جهة.
الشم:
يمكن للحصان من خلال حاسة الشيم التعرف على الخيول الأخرى وعلى صاحبه كذلك. ويلعب الشم دوراً كبيراً في تحديد مكان معيشته.
النظر:
يعتمد الحصان على النظر بشكل أساسي ويعكس ذلك حتم العيون الكبيرة. وبخلاف الإنسان يتمكن الحصان من توضيح الأشياء التي
يشاهدها من خلال تحريك رأسه الى الأعلى والأسفل.
ويستطيع الحصان تحريك العينين بشكل مستقل ويمكنه الرؤية في الظلام أفضل من الإنسان.
التذوق:
ليست من الحواس المتطورة عند الخيول ولكن بإمكان الخيل التفريق بين أنواع الطعام وحلاوته عن طريق تذوقه.
الحاسة السادسة:
من المعروف أن للحصان قدرة خاصة للإحساس بالخطر والتعرف على المكان والرفيق ولذا يفسر العديد من الأشخاص ذلك بالحاسة السادسة.
لقد بينت الرسوم القديمة في بعض الكهوف مثل التي اكتشفت في اسبانيا وجنوب فرنسا أن العلاقة بين الإنسان والخيل تمثلت بشكل أساسي في صيد الخيول من أجل الغذاء قبل فترة تزيد عن 35000 سنة . وبعد أن تمكن الإنسان من استئناس الخيل بدأ يستخدمها للقيام بمهام مختلفة منها الفروسية والرياضة والصيد ونقل الأحمال وأمور أخرى.
الفروسية:
ارتبطت الفروسية بالحروب والقتال منذ زمن بعيد. واستخدم الحصان في الغزوات والمعارك صغيرة كانت أم كبيرة في مناطق عديدة من العالم. ومن الفرسان الذين خلدهم التاريخ العريي عنترة بن شداد وحمزة بن عبد المطلب وخالد بن الوليد. وقد عرف العالم كذلك فرساناً لهم شأنهم مثل هانيبال وجنكيز خان و ويليام كافنديش .
كان دور الخيول متميزاً في الحروب، فنرى الإمبراطوريات تقتني أعداداً كبيرة من الخيول للحروب. لقد اهتم الخلفاء المسلمون بتزويد جيوشهم بأعداد كبيرة من الخيول فمثلا كان لدى الخليفة المعتصم ما يزيد عن 130000حصان. وكان لكل فارس في جيش جنكيز خان خمس خيول. لقد شهدت الحرب العالمية الأولى مشاركة ما يزيد عن مليون ونصف من الخيالة، في حين أن الجيش الروسي كان يضم ما يزيد عن 2،1 مليون من الخيالة الى جانب المدرعات أثناء الحرب العالمية الثانية .
الرياضة:
كان سباق جر العريات بواسطة الخيول معروفا في الألعاب الأولمبية منذ عام 680 قبل الميلاد، وتبع ذلك سباق الخيل بأشكاله كما تعرفه الآن، وكان أول سباق للخيل في الأولمبياد اليوناني في عام 624 قبل الميلاد . أما لعبة البولو التي ترجع تسميتها الى كرة بلغة أهل التبيت فكانت معروفة في فارس والصين منذ حوالي 2500 سنة .
الصيد:
استخدم العرب قديما الخيول للصيد وبرعوا في صيد الحيوانات البرية على ظهور جيادهم ويمكن الاشارة هنا الى امرىء القيس الشاعر الجاهلي المعروف خاصة في معلقته التي يقول فيها واصفاً إحدى رحلالته للصيد على جواده في هذا البيت:
وقد أعتدى و الطير في وكناتها بمجرد قيد الأوبدا هيكل
من ناحية أخرى تبين الرسوم الآشورية والمصرية القديمة كذلك صوراً لفرسان يصطادون الأسود والثيران البرية. وقد ظلت هواية الصيد باستخدام الخيول منتشرة بشكل خاص بين النبلاء في البلدان الأوروبية حتى يومنا هذا .
نقل الاحمال والعمل:
تم استخدام الحصان في الكثير من البلاد الآسيوية والأوروبية لنقل الأحمال والتنقل منذ أكثر من 4000 سنة . ومازلنا نستخدم كلمة قوة حصان (Horse Power ) بالنسبة الى الآلات اشارة لقوة الخيول عند أدائها الأعمال المختلفة آنذاك ان كانت في الحقول أو نقل البضائع أو غيرها.
شهدت الجزيرة العريية منذ آلاف السنين علاقة مميزة جمعت الخيل والصحراء والإنسان العريي. ولم تكن الرابطه بين العريي والخيل مجرد وسيلة ركوب ينتقل بها المسافر، أولية يركبها المقاتل، بل علاقة امتزجت بالحب والصداقة والوفاء. فاهتم البدوي بتريية حصانه والتحف معه نفس الخيمة وشاركه طعامه وشرب معه حليب الناقة في المواسم التي تسبق الأمطار و يغيب فيها العشب.
ان تراثنا العريي الغني يحمل لنا الكثير من الدلائل والنماذج التي تبين لنا مكانة الخيل في المجتمعات العريية قبل الاسلام وبعده. لقد كان الحصان عندهم هو المال والجاه حتى أن البعض يقيم الاحتفالات عندما تلد الفرس والبعض يفضلها على عياله. وكان للخيل في الشعر العريي منزلة رفيعة فأعطوه العديد من الصفات المرتبطة بالسرعة مثلى المسح والمشرحف والسبوح. وأعطوا صفات عديدة لطول الحصان الدال على سرعته مثل السلهب والشرجب و السلجم.
فعلى سبيل المثال نرى العباس بن مرداس يصف الحصان فيقول:
جاء كلمح البرق يعتفو ناظره تسبح أولاه ويطفو آخـره
ويقول اسماعيل بن عجلان في مكانة الخيل:
و لا مال الا الخيل عندي أعده و إن كنت من حمر الدنانير موسرا
اقاسمها مالي و اطعم فضلها عيالي وارجو ان اهان و اجرا
اذا لم يكن عندي جواد رأيتني ولو كان عندي كنز قارون معسرا
و في مكان آخر نرى جعفر بن كلاب يؤثر الخيل على نفسه فيقول:
أسويها بنفسي أو بجزء فألحفها ردائي في الجليد
أما عنترة بن شداد فيصف حبه لحصانه الى الحد الذي كان فيه يذوذ عنه أثناء القتال فيقول:
أقيه بنفسيي في الحروب وأتقي بهادية انى للخليل وصول
وكلنا يتذكر حرب داحس والغبراء التي نشبت بين قبيلتي عبس وذبيان لسنوات طويلة وكان سببها خلافا حول سباق جرى بين حصان يدعى داحس وفرس تدعى الغبراء يملكهما قيس بن زهير بن جذيمة العبسي وحصان الخطار وفرس تدعى الحنفاء يملكهما حذيفة بن بدر الذبياني .
وجاء الاسلام ليبقي على مكانة الحصان عند العرب ويعزز مكانته ويدعو المقتدر الى امتلاكه، فدور الخيول في المعارك كان أساسيا. وقد تمت الإشارة كثيراً للخيل في كتاب الله المجيد فنجده سبحانه وتعالى يقسم بالخيل في سورة العاديات: { و العاديت ضبحا* فالموريت قدحا * فالمغيرت صبحا * فأثرن به نقعا * * فوسطن به جمعا *} صدق الله العظيم.
وفي سورة الأنفال يقول سبحانه وتعالى: { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل *} صدق الله العظيم.
ومن ناحية أخرى نجد رسول الله محمد ابن عبدالله (ص) يحث المسلمين على اقتناء الخيل والمحافظة عليها في العديد من الأحاديث الشريفة نذكر منها:
" الخيل معقود في نواصيها الخير".
" المنفق على الخيل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها".
" من كان له فرس عريي فأكرمه، أكرمه الله، وإن أهانه أهانه الله ".
" عليكم بإناث الخيل فان ظهورها عز وبطونها كنز".
ونظراً لمكانة الخيل عند العرب فقد جعلت الروايات الكثيرة منها أسطورة من الأساطير. فمن ناحية تذهب بعض الروايات إلى أن الله سبحانه وتعالى خلق الخيل من ريح الجنوب، ولذا فهي سريعة في العدو. ومن ناحية أخرى يصف الرواة " البراق " الذي عرج به سيدنا محمد ( ص) الى السماء بأنه على هيئة حصان مجنح، ويروى أن " الميمون " كان حصانا مجنحا ركبه أبونا آدم في الجنة .
وبعض الروايات المتعلقة بالخيل تشير كذلك الى أن أصل الخيول العريية ترجع إلى ما تبقى من خيل نبي الله سليمان بعد أن عقر أغلبها عندما ألهته بجمالها عن ذكر ربة (2)، بينما رواية أخرى تقول أن أصلها يرجع الى ما تبقى من الخيل بعد السيل العرم. وقيل أن نبي الله سليمان أهدى وفداً من عمان من قبائل الأزد حصانا سمي " زاد الركب" كان له شأن فى تلك الأيام عند العرب، وتناسل منه الكثير من الخيول العريية الأصيلة . وقد ربط أبو الطيب المتنبي بين الخيل والكتاب، دلالة على أهمية كل منهما فى الحضارة العريية وذلك في بيته الشهير:
أغر مكان في الدنى ظفر سابح وخير جليس في الزمان كتاب
لقد كان الحصان العريي منتشرا في الجزيرة العريية أينما وجد الإنسان العريي وكانت هذه السلالة الفريدة موجودة في هذه المنطقة وحدها، حتى جاءت الفتوحات العربية الاسلامية لبلاد العالم المختلفة وساهمت في انتشار دم الحصان العريي وامتزاجه مع سلالات أخرى عديدة وبالذات الأوروبية منها مما ساهم في تحسين نتاجها.
ونظراً لأهمية الحصان العربي ومكانته العالمية ومن أجل الحفاظ على سلالته الفريدة تم تأسيس المنظمة العالمية للحصان العريي في عام 1970 وهي ما تعرف بالواهو (WAHO) .
يعتبر الحصان العريي بلا منازع أجمل الخيول الموجودة على الاطلاق. فشكل جسمه يعد روعة في الجمال والتناسق، إذ يتراوح ارتفاعه من 150 الى 160 سم، ولونه اما رمادي، أو أشهب، أو بني، أو أسمر، أو أشقر، أو أدهم. الرأس نحيف وصغير نسبيا ويدل على الرشاقة والأصالة وتزيده جمالاً قصبة الأنف المقعرة بعض الشىء. المنخران واسعان والجبهة العريضة تباعد بين العينين السوداوين البراقتين، وتعتلي الرأس أدنان قصيرتان نهايتهما رفيعة. الرقبة طويلة ومتناسبة مع بقية أجزاء الجسم تملؤها العضلات. أما الظهر فهو قصير مكتنز والذيل مرتفع بشكل واضح العمود الفقري عند الحصان العريي يتميز عن غيره من الخيول بوجود سبعة عشر زوجاً من الاضلع وخمس فقرات قطنية ولست عشرة فقرة ذيلية مقارنة بثمانية عشر زوجا من الأضلع وست فقرات قطنية وثماني عشرة فقرة ذيلية للخيول الأخرى مما يساهم في ارتفاع ذيله بخلاف سلالات الخيول الأخرى .
يتسم الحصان العريي كذلك بقدرته الهائلة على الصبر وتحمل الجوع والعطش والتأقلم مع حرارة الجو، اضافة الى سرعته الفائقة في العدو. ونظراً لميزاته ونقاوة سلالته استخدم في إضفاء صفات حميدة ومرغوبة على أغلب سلالات الخيول العالمية والتي أكسبها شهرة وجمالاً. لقد ساهم فتح المسلمين أرض مصر عام 20 هجرية في دخول سلالة الخيول العريية شمال أفريقيا. ومن المعتقد كذلك بأن القبائل العربية مثل بني هلال وبني سليم وغيرهما عندما نزحوا من الجزيرة العريية الى أفريقيا في هجرتهم الكبرى الى مصر سنة 109 هجرية أخذوا معهم خيولهم العريية فزاد من انتشار هذه السلالة في مصر وشمال أفريقيا. من ناحية أخرى يعتقد أن الفينيقيين هم أول من ادخلوا الخيول العريية الى أوروبا، الا أنه كان للفتوحات الإسلامية دور بارز في ادخال الخيول العريية الى سلالات الخيول الأوروبية.
في القرن السابع عشر والثامن عشر تم استيراد ثلاثة من الجياد العربية الأصيلة الى انجلترا وهي:
بيرلي تورك في عام 1689
دارلي أرابيان في عام 1706
غودولفين أرابيان في عام 1706
ونتج عن تلقيح الجياد الثلاثة لخيول من السلالة الانجليزية بروز سلالة خليط جديدة تدعى Thoroughbred وهي من أغلى خيول العالم الآن لكونها الخيول المستخدمة في السباقات العالمية المعروفة في داربي ببريطانيا وكذلك في أمريكا. من ناحية أخرى نتج عن تزاوج الخيول العريية والسلالة الخليط سلالة أخرى تعرف اليوم بالأنجلو عرب Anglo Arab ولها شهرتها في بريطانيا وفرنسا وتستخدم خيول هذه السلالة في استعراضات القفز ( Show Jumping ).
ان تاريخ السلالة العريية يرجع الى اكثر من 7000 سنة مضت . ففي أحضان شبه الجزيرة العريية نشأت الخيول بعيداً عن السلالات الأخرى الموجودة في آسيا وأوروبا، ولذا احتفظت بصفاتها النقية. وترجع الروايات بداية استئناسها الى سيدنا اسماعيل ابن ابراهيم الخليل عليهما السلام. ولقد عرف عن نبي الله سليمان بن داود شغفه بالخيل وكان يملك1200 حصانا مسرجا و 40000 حصان تستخدم لجر العريات .
ورغم الاختلاف الواضح بين المؤرخين حول أصل السلالات العريية من الخيول ، فانه يتم ارجاع أصل الخيول العريية الى خمس جياد أصيلة كان لها شأن كبير في شبه الجزيرة العريية منذ زمن بعيد وهي:
كحيلة: جاء اسمها من سواد العينين اللتين تبدوان كالمكحولتين.
عبية: جاء اسمها من تشوالها وحفظ عباءة راكبها على ذيلها أثناء العدو.
دهمة: جاء اسمها من لونها القاتم المائل للسواد.
شويمة: جاء اسمها من الشامات الموجودة عليها.
صقلاوية: جاء اسمها من طريقة رفع حوافرها في الهواء عند العدو، أو من صقالة شعرها السابل.
وفي وقتنا الحاضر نرى الكثير من المهتمين بالخيول في جميع أنحاء العالم يحرصون على إقتناء الخيول العريية الأصيلة ونجد الآن أعداداً كبيرة من الخيول الأصيلة موجودة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وقد ازداد الاهتمام في المنطقة العريية حالياً باقتناء خيول من هذه السلالة الفريدة .
كان للفتوحات الإسلامية دور كبير في انتشار الخيل العربية شرقا وغربا والتعرف على ميزاتها من قوة وسرعة فائقة وجمال وتناسق بين أعضاءها، عندما وصلت هذه الفتوحات إلى العراق والشام وفارس ومصر ثم إلى إسبانيا وفرنسا وتركيا والصين. و كذلك أثناء الحروب الصليبية والتي امتدت من القرن الحادي عشر إلى القرن الثالث عشر الميلادي نقل ملوك وأمراء وجنود الفرنجة الخيل العربية معهم من ربوع الشام ومصر إلى أوطانهم الأصلية. واحتلت الخيل عند العرب مكانة خاصة وزاد الاهتمام بها بعد ظهور الإسلام، وان فيما ورد في القرآن الكريم والحديث الشريف ما يبين فضلها و مكانتها عند الله ورسوله وعند العرب والمسلمين. كان العرض في الجاهلية يرتبطون الخيل لفضلها وشرفها، وعندما جاء الإسلام أمر الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام باتخاذها وارتباطها، فاتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل وارتبطها في سبيل الله، وأعجب بها وحث عليها فإرتبطها المسلمون افردا و جماعات، ولقد ورد ذكر الخيل في القرآن الكريم في عدة مواضع نسوق منها ما يلي: قال الله تعإلى: ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث) سورة آل عمران الآية 14. وقال تعإلى: ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك) سورة الإسراء الآية 64. وقال تعإلى: ( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون) سورة النحل الآية 8. وقال تعإلى: ( والعاديات ضبحا، فالموريات قدحا، فالمغيرات صبحا، فأثرن به نقعا، فوسطن به جمعا) سورة العاديات الآية 1- 8. وجاء ذكر الخيل في الحديث الشريف لبيان فضلها ومكانتها في الإسلام حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة فامسحوا نواصيها وادعوا لها بالبركة). وقال عليه الصلاة والسلام: ( من هم أن يرتبط فرساً في وقال عليه الصلاة والسلام: ( من أرتبط فرساً في سبيل الله كان له مثل أجر الصائم القائم والباسط يده بالصدقة مادام ينفق على فرسه). لقد كان للخيل في العصور التاريخية المختلفة دور أساسي في الحروب وغيرها. وتؤكد ذلك المكتشفات الأثرية من النقوش والرسوم والوثائق التي تعود إلى حضارات بلاد ما بين النهرين وحضارة وادي النيل وحضارة دلمون والحضارة اليونانية و الحضارة الرومانية. وما حرب ( داحس والغبراء ) إلا مثل لتلك الحروب التي دارت رحاها بين القبائل العربية والتي استخدمت فيها الخيل في عصر قبل الإسلام. وكان للخيل العربية دور كبير ومميز أثناء الفتوحات العربية الإسلامية فمنذ بداية الفتح الإسلامي و في عصر الخلفاء الراشدين أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن بي طالب رضي الله عنهم، إذ حملت راية الإسلام إلى ربوع المعمورة وكانت الخيل من أهم تجهيزات الجيوش المتجهة للفتح شرقا وغربا.