لقد تكلمنا عن موسمية الخضر والفواكه، وتكلمنا عن أهمية استهلاك الخضر والفواكه داخل موسمها الطبيعي. وبينا كذلك أن خروج أي مادة طبيعية عن مكانها أو زمانها أوحجمها يعتبر من الكوارث الطبيعية، وليس من التقدم العلمي، وقد بدأت بعض الملاحظات تبين أهمية هذا الموضوع. واستهلاك المنتوجات في موسمها يعني الاستفادة من المكونات الكيماوية الطبية التي خلقها الله سبحانه وتعالى في هذه المنتوجات، ويعني كذلك التنوع في التغذية بطريقة سهلة وطبيعية، ولا تحتاج إلى مستوى علمي عالي، وإلا كانت التغذية منحصرة في بعض المنتوجات التي يسهل بيعها وترويجها والكسب منها مثل البطاطس. ونحن الآن في فصل الصيف وهو فصل الحرارة، ويكون الجسم أثناء هذا الفصل في حاجة إلى الماء والأملاح المعدنية والفايتمينات والألياف الخشبية، وهي المكونات التي توجد في النبات ولا توجد في الحيوانات.
ينتهي استهلاك البطاطس مع حلول فصل الصيف، والقانون الكوني الذي وضعه صاحب الكون لا يقبل التدخل لتغيير الحوادث، وإلا كان هناك فساد ينعكس على صحة الإنسان، لأن الأمر يتعلق ببقاء الإنسان على الأرض، وخضرة فصل الصيف هي اليقطين، لأنه يحمل المكونات الطبية التي يحتاجها الجسم في هذا الفصل، وقد جعل الله اليقطين لهذا الفصل لأنه وضع فيه كل ما يلزم الجسم في حالة الجفاف وارتفاع الحرارة. واليقطين له خاصية تبريد الجسم، ويحتوي على بوتسيوم بكثرة ليجعل التوازن المائي داخل الجسم مضبوطا water balance، وهو ما يحول دون الاجتفاف، ويحتوي على مركبات مضادة للأكسدة أو التأكسد داخل الجسم، للوقاية من التسممات، ولمقاومة الحرارة، ومن هذه المركبات بعض البوليفينولات flavonoids التي تزيد في مناعة الجسم، ويحتوي اليقطين على ألياف خشبية هائلة، من حيث لا يمكن للفضلات والنفايات أن تبقى في القولون لمدة طويلة، فتسبب بعض التسممات الداخلية من جراء أثر الجذور الحرة Free radicals.
ومن خصائص اليقطين أنه مخفض للدهون في الدم antihyperlipidemic، ومخفض للكوليستيرول، وبهذا يكون خضرة المصابين بارتفاع الضغط والسكري والسمنة والكوليستيرول, ويستعمل اليقطين كطارد للحشرات مثل البعوض، وقد استعمله الطب الصيني كمضاد للتسمم بلسعات الثعابين والحشرات، ويكفي حك قطعة من اليقطين على لسعات البعوض لتهدأ من التو. ويضمد الرأس في حالة الصداع بأوراق اليقطين لتخفيف الألم، وكذلك الحروق الجلدية من أثر الشمس أو النار كذلك، فاليقطين يبرد ألم الحروق الشمسية لما تكون على الوجه والكتفين.
لا يزال اليقطين لا يحضى بالأهمية التي يستحق، وهي خسارة كبرى على المستوى الصحي، ونلاحظ أن أوروبا جعلت من البطاطس الخضرة التي لا يستغني عنها أحد، وهو أمر طبيعي لأنها تنتج بطاطس فقط، واستطاعت أن ترغم المستهلك بطريقتها وبحجتها العلمية، حتى أصبحنا نترك الأهم ونتناول الأدنى، وكل الخضر التي توجد في المغرب تحول دون حلول أمراض، وهي أحسن ما خلق الله تعالى على وجه الأرض، لكننا لم نقدر على مواجهة الإشهار والدعايات الفارغة. أما الموضة، هذا المرض الخطير الذي دمر حياتنا ومنتوجاتنا، فهي التي قلبت الوضع. فالسكوم والطماطم والبطاطا الحلوة والخرشوف واليقطين والقرعيات الموسمية والبقول لا يمكن أن تقارن مع الخضر الإشهارية، لكن الوجبات السريعة والسندويشات لا تتقدر على استعمال هذه الخضر.
ربما ننتظر حتى نسمع الآخرون يتكلمون عن اليقطين على الفضائيات التلفزيونية لنستهلكه، وربما نسمع أكثر لنصائح الغير نظرا للعقدة التي أصابت العالم العربي. وأصبح كل ما يأتي من الغرب كأنما ينزل من السماء. وقد أصبحت النصائح في الميدان الغذائي موضة كذلك، فكل من هب ودب يعطي نصائح، وهو لا يعلم شيئا عن علم التغذية.